سرطان البنكرياس: خطوة بخطوة للتعرف علي الأعراض والتشخيص والعلاج لهذا السرطان الخطير :
نظراً لأهمية الإكتشاف والتشخيص المبكر والعلاج المبكر لسرطان البنكرياس الخطير للحصول على أفضل النتائج العالمية و نظراً للإهتمام العالمي بطرق تشخيص وعلاج هذا السرطان وخصوصاً في الدول المتقدمة وجدت من اللازم أن أقدم هذه المعلومات للناس والمرضى والتمريض والأطباء المهتمين بتشخيص وعلاج هذا السرطان الخطير وذلك لصالح المرضي والأطباء والتمريض والصالح العام .
والبنكرياس هو غدة كبيرة الحجم وتُمثّل أحد أجزاء الجهاز الهضميّ ويفرز العصارة البنكرياسية الهامة في هضم الطعام كما أنه يفرز هرمون الإنسولين المسئول عن ضبط وعدم إرتفاع السكر بالدم كما أنه يفرز هرمونات أخري هامة.
ويمكن تعريف سرطان البنكرياس على أنّه نموّ خلايا البنكرياس بشكل غير طبيعيّ وغير مسيطرٍ عليه، و يُعدّ سرطان البنكرياس خطير وهو المُسبّب الرابع للوفاة عالمياً من بين مختلف أنواع السرطان وفي الفترة الأخيرة وجد أن هناك تزايد في معدل الإصابة بسرطان البنكرياس في سن الستين وما بعدها وحتي في سن الخمسين وما بعدها وربما يكون هناك تزايد في سن مابعد الأربعين ولذلك فإن التوعية بهذا السرطان هدفها الإكتشاف المبكر والعلاج المبكر للحصول على أفضل النتائج العالمية في محاربة وعلاج المرضي من هذا السرطان الخطير.
وللبنكرياس أربعة أجزاء رئيسية هي الرأس، والجسم، والذيل، وعنق البنكرياس وهو الجزء مابين رأس وجسم البنكرياس ويُعد سرطان رأس البنكرياس الأكثر شيوعاً؛ إذ بلغت نسبة الإصابة به ما يُقارب 75% من بين حالات سرطان البنكرياس، بينما بلغت نسبة الإصابة بسرطان جسم البنكرياس 15-20%، وأخيراً تُمثّل حالات سرطان ذيل البنكرياس ما نسبته 5-10%.
وعلاج سرطان البنكرياس يعتمد على مكان السرطان، ومرحلته، وحالة المصاب العامة، ورغبته في العلاج، ويهدف العلاج إلى التخلص من السرطان قدر المستطاع، وفي الحالات المتأخرة غالباً ما يكون هذا الهدف غير ممكن؛ وعندها قد يكون الهدف هو السيطرة على نمو السرطان، ومنع انتشاره و منع تدهور حالة المريض، بالإضافة إلى تحسين نوعية وجودة حياة المصاب حتي نهاية حياته.
* أعراض الإصابة بسرطان البنكرياس :
قد تختلف الأعراض والعلامات التي تظهر في حالات سرطان البنكرياس من مريض إلى آخر حسب مكان وحجم الورم ومرحلة السرطان والهدف هو اكتشاف السرطان مبكراً وذلك للعلاج والجراحة مبكراً للحصول على أفضل النتائج العالمية ، ويمكن أن تختلف الاعراض كذلك في حدتها، ولكن يمكن القول إنّ هناك مجموعة من الأعراض والعلامات التي قد تُعطي انطباعاً عن وجود سرطان البنكرياس ومنها ما يلي:
– اليرقان (Jaundice)، والذي يتمثل باصفرار الجلد والجزء الأبيض من العين، وقد يُرافقه شعور المصاب بالحكة، ويُمكن تفسير حدوثه بأنّ السرطان قد يتسبب بإغلاق القناة الصفراء، مما يؤدي إلى تجمّع العصارة الصفراء في الكبد وللأسف الشديد أنه عند ظهور اليرقان بدرجة عالية قد يكون السرطان في مرحلة متقدمة و لذلك يجب استشارة الأطباء مبكرا قبل حدوث الصفراء أو في اول ظهورها.
– الشعور بالألم في الجزء العلويّ من البطن، ويمتدّ الألم إلى الظهر.
– شحوب لون البراز وزيادة رائحتها سوءاً.
– فقدان الوزن بشكل كبير دون قصد.
– المعاناة من عسر الهضم (Indigestion) والذي قد لا يستجيب للأدوية .
– الإصابة بداء السكري (Diabetes)، وذلك بسبب فقدان البنكرياس القدرة على تصنيع الإنسولين نتيجة إصابته بالسرطان، وقد يُلاحظ المصاب بالسكري زيادة شعوره بالعطش وكثرة تبوّله غالباً.
– الإكتئاب (Depression)، وقد يظهر الاكتئاب بسيطاً أو متوسّطاً في شدته حتى في المراحل الأولى من الإصابة بسرطان البنكرياس.
– فقدان الشهية والغثيان والتقيؤ والشعور بالألم بالبطن عند تناول الطعام.
* العوامل التي قد تساعد على الإصابة بسرطان البنكرياس :
هناك بعض العوامل التي يُعتقد أنّ وجودها قد يزيد من احتمالية الإصابة بسرطان البنكرياس ، ومن هذه العوامل ما يأتي:
-طول العمر: فكما ذكرنا غالباً ما يُصيب كبار السنّ ولكن في الآونة الأخيرة تزايد معدل حدوث السرطان في سن الخمسين ومابعدها .
– التدخين: لقد وُجد أنّ ثلث المصابين بسرطان البنكرياس هم أشخاص مدخّنون.
-المعاناة من بعض المشاكل الصحية مثل السكري، والتهاب البنكرياس المزمن (Chronic pancreatitis)، وجرثومة المعدة المعروفة علمياً بالملوية البوابية (Helicobacter pylori)، والزيادة المفرطة في الوزن ( السمنة المفرطة).
– وهناك العوامل الوراثية من الجينات وعوامل من تلوث البيئة وعوامل أخرى.
* الفحص الطبي الدقيق والتحاليل والفحوصات الطبية اللازمة لمرضى سرطان البنكرياس :
– بعد الفحص الطبي الدقيق للمرضى بواسطة الأطباء المتخصصين هناك فحوصات طبية معملية أهمها نسبة الصفراء في الدم كلي ومباشر ونسبة الفوسفات القاعدي ووظائف الكبد بالإضافة إلى صورة الدم ووظائف الكلي وفحوصات للقلب وغيرها . وهناك دلائل الأورام مثل دليل الأورام CA 19.9 وفحوصات أخري حسب ما يراه الأطباء.
– وهناك التصوير بالأشعة المقطعية CT والأشعة بالرنين المغناطيسيMRI حسب البروتوكول الخاص بالبنكرياس pancreatic protocol وهناك التصوير بالأشعة فوق الصوتية بالمنظار EUS وهناك المسح الذري مع الأشعة المقطعية بالكمبيوتر PET- CT وهناك عمل منظار علي القنوات المرارية والبنكرياسية ERCP واخذ عينات لتحليل الأنسجة والأورام بواسطة أساتذة و أطباء إستشاريين متخصصين وحسب ما يراه الأطباء للتشخيص الدقيق وذلك للعلاج المناسب لكل حالة حسب ما يراه فريق الاطباء ومازال هناك الجديد في المناظير ووسائل التشخيص.
* علاج سرطان البنكرياس :
و الطرق العلاجية لسرطان البنكرياس ما يلي: – – الطرق الجراحية:
و الهدف الرئيسي من هذه الطرق الجراحية هو إستئصال الورم بالكامل عن طريق الجراحة وفيها يُجري الأطباء المختصينّ الجراحة الملائمة بحسب حالة المريض ، ويجدر التنويه إلى أنّ العمليات الجراحية لاستئصال سرطان البنكرياس تعتبر من أكبر وأصعب العمليات الجراحية ويجب أن يكون لدي الجراحين مهارات وخبرات لتفادي الصعوبات أثناء العملية ومخاطر إحتمالية إصابة المريض بالنزيف اثناء او بعد العملية والتعامل بحرص وخبرة مع هذه المخاطر ، وكذلك التعامل وعلاج إحتمالية معاناة المريض من الغثيان والتقيؤ بعد العملية وعلاج المضاعفات الأخري التي قد تحدث بعد العملية ، ويتطلب الأمر مكوث المرض في المستشفى لعدة أيام بعد العملية ثم يحتاج الأمر غالباً إلى بضعة أسابيع في المنزل حتى يتعافي المريض.
والعمليات الجراحية المستخدمة لعلاج سرطان البنكرياس تعتمد على مكان وحجم الورم وهي :
1 – عملية إستئصال رأس البنكرياس والإثنا عشر وتسمي إجراء ويبل(Whipple Procedure):
وتُجرى في الحالات التي يكون فيها السرطان في رأس البنكرياس، وتتم بإستئصال رأس البنكرياس، والجزء الأول من الأمعاء الدقيقة المعروف بالإثنا عشر (Duodenum)، والمرارة ( Gallbladder)، و الجزء السفلي من القناة الصفراوية (Bile Duct)، وفي بعض الحالات يتم استئصال جزء من المعدة، هذا بالاضافة إلى إستئصال الغدد الليمفاوية المحيطة .
2 – إستئصال البنكرياس القاصي (Distal Pancreatectomy):
،وتُجرى في الحالات التي يكون فيها السرطان في ذيل البنكرياس وجسمه، وقد يُرافقها إستئصال الطحال ( Spleen).
3 – إستئصال البنكرياس الكليّ (Total pancreatectomy) :
وفي هذه الحالة يتم استئصال كامل ( استئصال كلي) للبنكرياس وعندها يحتاج المصاب إلى الإنسولين (Insulin) ومكملات إنزيمات البنكرياس مدى الحياة، ولكنّه قد يستطيع أن يعيش حياة طبيعية.
4 – إستئصال الأوعية الدموية المُجاورة المُصابة مع إعادة الإصلاح والتوصيل حسب ما يراه الاطباء أثناء العملية ؛ ولا يمكن إجراء هذه العملية إلا على يد جرّاح مختصّ ومحترف، ويُلجأ إليها في الحالات المتقدمة من سرطان البنكرياس التي لا يُجدي فيها استخدام الأنواع الأخرى من الجراحة نفعاً.
5 – وفي الحالات المتقدمة والتي يصعب معها إستئصال الورم جراحيا أثناء العملية نظرا لكبر حجم الورم وانتشاره وعلاقته الخطيرة بالأوعية الدموية للأمعاء قد يكون الحل الجراحي هو عملية تحويل لتصريف السائل المراري مع توصيل المعدة بالأمعاء.
وإذا تم إكتشاف هذه المرحلة قبل العملية يكون العلاج التلطيفي هو الأساس وذلك بعلاج الألم والغثيان، و علاج الصفراء الإنسدادية بتصريف السائل المراري بالأمعاء بإستخدام مناظير القنوات المرارية مع العلاج الكيماوي والإشعاعي بعد اخذ عينة من الورم وتحليلها.
— و جميع هذه العمليات الجراحية تحتاج إلي إمكانيات وخبرات كبيرة في الجراحة و جراحات البنكرياس والقنوات المرارية والجهاز الهضمي سواء بالجراحة التقليدية أو جراحات المناظير وكذلك مناظير الجهاز الهضمي والقنوات المرارية والبنكرياس للحصول على خدمات متميزة وعالمية في علاج هذا السرطان الخطير.
ويحتاج المريض إلي أطباء تخدير لهم خبرة كبيرة كما يحتاج المريض الي رعاية خاصة أو متوسطة بعد العملية تحت اشراف أطباء التخدير والرعاية المركزة وإشراف أطباء الجراحة و أطباء آخرين حسب ما يراه فريق الاطباء المعالج .
– العلاج الكيميائي: وهذا العلاج يكون تحت إشراف أطباء متخصصين في العلاج الكيماوي والإشعاعي للأورام وغالباً ما يُستخدم العلاج الكيميائيّ (Chemotherapy) بعد العمليات الجراحية كعلاج مساعد بعد عملية استئصال السرطان وكذلك يستخدم في الحالات التي يكون فيها سرطان البنكرياس قد إمتدّ للأعضاء المجاورة ولايمكن استئصال الورم بالجراحة ، ويستطيع هذا العلاج قتل الخلايا السرطانية بإعطائه على شكل حقن تُعطى عبر الوريد، أو عن طريق الفم، ويمكن إعطاء دواء واحد أو مجموعة من الأدوية، ومن الجدير بالذكر أنّ العلاج الكيميائي يمكن استخدامه ليكون مُسانداً للعلاجات الأخرى؛ فقد يُستخدم قبل العمليات الجراحية لتصغير حجم السرطان، أو بعدها لمنع عودة السرطان، ومن جهة أخرى يمكن استخدامه مع العلاج الإشعاعيّ.
– العلاج الإشعاعيّ: يمكن استخدام العلاج الإشعاعيّ (Radiotherapy) قبل إجراء العمليات الجراحية أو بعدها، ويقوم مبدأ العلاج على استخدام أشعة عالية الطاقة والبروتونات (Protons) والطرق الحديثة في العلاج الإشعاعيّ. وهناك العلاج بالأشعة فوق الصوتية. وهناك العلاج بالتسخين الحراري وغيرها .
– العلاج المناعي: وذلك بإستخدام أدوية لرفع المناعة للخلايا المسئولة عن المناعة لمهاجمة الخلايا السرطانية.
– العلاج التلطيفيّ:
(Supportive or palliative treatment)
يعتبر العلاج التلطيفيّ أمر ضروري في حالات الإصابة بسرطان البنكرياس، ويقوم مبدأ هذا العلاج على تخفيف الأعراض والآلام التي يُعاني منها المريض ، وتقليل حدة المرض، ويتم إستخدامه غالباً إلى جانب الإجراءات العلاجية الأخري . وقد يتم استخدام مناظير الجهاز الهضمي والقنوات المرارية لتصريف السائل المراري بوضع دعامة في القناة المرارية او اجراء اشعة تدخلية لتصريف السائل المراري واجراء اللازم حسب ما يراه الاطباء المتخصصين.
والهدف الأول والرئيسي في محاربة هذا السرطان الخطير هو تعاون الأطباء والمرضى للإكتشاف والتشخيص المبكر والجراحة والعلاج المبكر لهذا السرطان وإستخدام أحدث الوسائل المناسبة في ذلك.
والله الموفق والحمد لله رب العالمين.
ا.د/ عبد الغني الشامي
أستاذ الجراحة والأورام والمناظير
أستاذ إستشاري جراحات وأورام ومناظير البنكرياس والقنوات المرارية والكبد وجراحات الجهاز الهضمي.
كلية الطب ومستشفيات جامعة عين شمس.
للتواصل تليفون وواتس 01005217869
عيادة:
القاهرة. المعادي. شارع ٧ عمارة ركن المعادي بجوار محطة مترو المعادي.
يوميا من الساعة ٤-٨ مساء